لم يكن يتوقع منظمو «اللقاء المسيحي» أن لقاءهم الذي بدأ قبل نحو شهرين سيتطور بالسرعة التي تسلكها اجتماعاتهم. يتضاعف حجم الركود السياسي اللبناني يوماً بعد آخر. يزداد الشرخ بين الأحزاب المتخاصمة، وخصوصاً المسيحية، فيكبر دور اللقاء المسيحي وتزيد ديناميكيته لتحريك المياه الراكدة بين القوى السياسية: «المسيحيون أمام تحديات كبيرة، وحتى الساعة لا إطار فكرياً لإعداد أوراق عمل. يشتكون من صلاحيات رئيس الجمهورية المنقوصة، من قانون الانتخاب المجحف، من خطر التجنيس والتوطين، يسألون عن مصير المسيحيين المشرقيين، ورغم ذلك لا يتحرك أي حزب أو جهة لوضع تصوّر حل»، يقول أحد منظمي اللقاء. وخلافاً لغالبية الاجتماعات المسيحية التي عقدت سابقاً واضمحلت مع الوقت، يصر اللقاء المسيحي على متابعة أوراق عمله حتى النهاية. لذلك، ناقش الاجتماع الثاني في بيت عنيا ـــ حريصا أمس الملفات التي كلفت بها اللجان الست في الاجتماع الأول الذي عقد سابقاً في المكان نفسه.

افتتحت النقاش لجنة الدستور حيث تمحور الحديث حول قانون الانتخاب «وتبنينا مبدأ المناصفة الفعلية التي من المفترض أن تكون الحجر الأساسي في أي تركيبة قانون مقبلة بغض النظر عمّا إن كان الأرثوذكسي أو غيره»، وفقاً لنائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي. وأيضاً «تطرقنا الى الدستور اللبناني وصلاحيات رئيس الجمهورية وسجلنا كل ملاحظاتنا وأفكارنا على ورقة ستتحول الى وثيقة شأنها شأن باقي أوراق اللجان (لجنة القضايا الوجودية، لجنة الشؤون الاقتصادية، لجنة الهوية والثقافة والتراث، اللجنة المشرقية، لجنة صيانة الاستقلال)». وفي الثاني من تشرين الثاني المقبل ستطرح كل هذه الوثائق في «لقاء مشرقي» ينظمه اللقاء المسيحي ويضم أكثر من 60 «شخصية مشرقية» سياسية من مصر وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين والعراق. أما العنوان الأساسي للاجتماع، فيلخصه أعضاء اللقاء «بالتحديات التي تواجه المسيحيين، حيث تطرح كل دولة أولوياتها»، والهدف «تشكيل لجنة مسيحية مشرقية تتكلم باسم مسيحيي الشرق». يعقب الاجتماع هذا، لقاء كبير في الثالث من تشرين الثاني، «سيضم نحو 1000 مسيحي لبناني من رجال دين وفعاليات وقادة سياسيين، وسيكون على رأس جدول أعماله أوراق اللجان، ونتوقع أن يتحول هذا النشاط لمسودة خطة عمل رئيسية للحالة المسيحية من خارج الاصطفافات الحزبية».

يرى الفرزلي أن «مهمة اللقاء الأساسية حققت نجاحاً مذهلاً لم يحققه أي لقاء آخر شاركت فيه، اذ استطعنا خلق مساحة من القواسم المشتركة بين جميع المسيحيين، بحيث أمنّا مناخاً مناسباً لبكركي كي تقوم بعقد اجتماع مسيحي موسع تحت ظلها انطلاقاً من وثيقتنا». وهذه الوثيقة لم يعترض عليها التيار الوطني الحر أو تيار المردة ولا الكتائب «التي أبلغتنا جهوزيتها لمناقشتها برعاية بكركي. فيما لم يجرِ الوقوف على رأي حزب القوات الذي لم يبادر الى تعيين موعد لزيارة معراب حتى الساعة، رغم طلبنا ذلك». بدوره، يشير أحد مؤسسي اللقاء إلى أن اللجنة المصغرة التي تضم الفرزلي الى جانب رئيس رابطة السريان حبيب افرام والوزير السابق كريم بقرادوني والزميل جان عزيز ووزير العمل سليم جريصاتي والسفير السابق عبد الله بو حبيب مستمرة في اجتماعاتها الأسبوعية التنسيقية لتأمين ترطيب الأجواء بين الأحزاب ومع السفارات وغيرها». وعن عدم حضور المردة اجتماع بيت عنيا، يقول المصدر إنه لا اشكالية مع المردة الموافقين على ميثاقنا، ولكننا كنا أمام خيارين: انتظار انجلاء المصالحة الفعلية بين التيار والمردة أو المباشرة بمن حضر، وكانت الأرجحية للخيار الثاني، فحراكنا ليس حزبياً، وعملنا يرتكز على دراسات علمية ورقمية وقانونية بعيداً عن تسجيل النقاط على هذا أو ذاك». أما عن غياب المطران سمير مظلوم عن الاجتماع الثاني، فيطمئن المجتمعون إلى أنّ «المطران اعتذر مسبقاً بسبب انتكاسة صحية بسيطة بعد أن منحنا بركته». ويهمّ «اللقاء المسيحي» هنا أن يبلغ كل من راهن على فشل اجتماعاتهم وحصرهم في خانة جهة أو حزب معين، رسالة صغيرة: «راقبوا أفعالنا، الآتي أعظم!»